الاحتفالية
من يحاور ومن يناور؟ (18)
الاحتفالي
مواطن في الوطن المسرحي
الأصل في الاحتفالي هو أنه كائن يستمع ويتكلم
وأنه يرى هذا العالم الذي يحيا فيه وبه بألف عين وعين ويكتب
وهو يعيش الحالات الصادقة والشفافة وينفعل بها ويتفاعل معها، ويبدع مسرحا حيا
وإن ما يؤمن به هذا الاحتفالي، إيمانا صادقا، لا يمكن أن يكفر به بعد ذلك، ولعل أصدق شيء، وأنبل شيء، يؤمن به الاحتفالي هو الحوار، إيمانا منه بأنه كائن إنساني موجود داخل شبكة من العلاقات الإنسانية المركبة والمعقدة والدقيقة، وهو بهذا مواطن مدني في مدن تسعى لأن تكون إنسانة ومدنية بشكل حقيقي، وهو في نفس الآن مواطن كوني، في هذا الكوكب الذي يسمى الأرض، وهو في حياته وفي حياة فكره وفي حياة فنه، يؤكد على كل كل حقوقه في الحياة، والتي يأتي في مقدمتها حقه الطبيعي في الوجود، وحقه في أن يكون وجوده هذا مختلفا ومخالفا وجديدا ومتجددا ومتميزا، وأن يكون إضافة حقيقية، إلى انب كل الإضافات الأخرى، وأن تكون لهذه الإضافة عنوانها وبصمتها ولغتها ومعجمها، وذلك في مجالات العلم والفكر والفن والصناعات الإبداعية المتعددة والمتنوعة
وفي هذا الحوار، مع الذات والآخر، ومع الحالات والمقامات، قدم الاحتفاليون أنفسهم دائما على أنهم مجرد عاشقين صادقين، للحياة الصادقة، وللمعرفة الصادقة أيضا، وعلى أنهم مجرد باحثين عن الحق والحقيقة، وعن الجمال والكمال، وعن أكثر الأشياء والأفكار والمعاني حقيقة وإقناعا وإمتاعا وإدهاشا، وعن أكثرها تعبيرا عن إنسانية الإنسان وعن حيوية الحياة وعن مدنية المدينة وعن روح اللحظة التاريخية، والتي تمثل ساعة التعييد الاحتفالي أجمل وأصدق ما فيها
ويقول الاحتفالي في كتاب ( اعترافات الحكواتي الجديد) ( ومن روح إنسانيتي هذه، ومن وحيها أيضا، تعلمت أشياء كثيرة جدا، تعلمت أن أكون كائنا محاورا، وان أكون فاعلا ومنفعلا، وان أكون متكلما ومستمعا، وأن أكون كاتبا وقارئا، وأن أكون مشاغبا ومشاكسا، وان أكون سائلا ومجيبا، وأن أكون مسافرا ومقيما، وأن أكون مفكرا ومعبرا، ولقد رأيت أن الأصل في الوجود هو الحوار، فالليل يحاور النهار، والبياض يحاور السواد، والأرض تحاور السماء، والتربة تحاور الماء، ولقد أكدت دائما، سواء في تنظيراتي أو في إبداعاتي المسرحية على أن هذا الحوار ضرورة وجودية أولا، وذلك قبل أن يكون ضرورة اجتماعية أو فكرية، وأكدت على أن هذا الحوار الوجودي المتعدد الأصوات يمكن أن يتم بكل اللغات الكائنة والممكنة)
نعم، ولغة واحدة لا تكفي، ولهذا ففد طالبت، أنا الاحتفالي المشاغب والمشاكس، بحقي المشروع في اللجوء، عاطفيا وفكريا وجماليا وأخلاقيا، وذلك إلى دولة المسرح، وقد كان ذلك اقتناعا مني بأن المسرح وطن مفتوح وشفاف، ,انه دولة ديمقراطية حقيقية، روحا وجسدا، دولة قائمة على أساس تعدد اللغات وتعدد الأصوات وتعدد الحالات وتعدد المقامات وتعدد الاختيارات، وهو قائم على أساس ( التعبير الحر للإنسان الحر في المجتمع الحر)
وما يهم هذا الاحتفالي دائما، في علاقته بالمسرح، هو روح هذا المسرح، وذلك قبل شكليات وآليات وتقنيات هذا المسرح، وقبل دروسه وتعليماته أيضا، وروح هذا المسرح، يتمثل أساسا في الحار، وذلك في كل أبعاده ومستوياته ودرجاته وحالاته المتعددة والمتنوعة، وللحوار في العقل الاحتفالي مكان مكانة، وله أيضا آدابه وأخلاقه، وله أعرافه وطقوسه، وفي مقدمة هذه الأخلاق نجد فضيلة قبول الآخر المختلف أولا، وقبول اختلافيته، وفضيلة الإنصات إلى الآخر، عندما يتكلم، وقراءته عندما يكتب، وفضيلة فهم وإدراك كل ما يقال وما يكتب، بحسن نية، وبدون خلفيات ولا أحكام قبلية، ومن بين أخلاقيات الحوار أيضا يمكن أن نجد فضيلة عدم رفع الصوت بدور أسباب ولا مبررات، لأن الصوت العالي في الحوار لا يمكن ان يكون حجة من حجج الإقناع، وهو لا يمكن أن يصنع ( حقيقة) عالية، أو أن يؤسس حقيقة صارخة
ونحن الاحتفاليين، في هذا الحوار الاحتفالي تكلمنا كثيرا، ولقد كتبنا، وخالفنا، واختلفنا، وجادلنا بهدوء تام، إيمانا منا بأن الأفكار تملك صوتها فيها، وتملك حججها بداخلها، ولقد فرضت الاحتفالية أفكارها ومواقفها واختياراتها في وقت كان أغلب المثقفين يؤمنون بشيء واحد أوحد يسمى اعنف الثوري، وكانوا مقتنعين، اقتنعا خاطئا، بأن شرف القضية يمكن أن يسمح لك بأن تقول ما تشاء، وأن تفتري على الحق والحقيقة، وأن ترفع بيدك شارة النصر، لتكون منتصرا، وأن تستعين ببعض الإكسسواراـ لتكون مقنعا، من مثل العقال الفلسطيني أو برنيطة شش غيفارا أو لحيية ماركس أو نظارات المثقفين الطبية أو ببعض الكتب تحت الإبط
تأملات واجتهادات في زمن الشعارات
في ذلك الزمن إذن، والذي لم يكن هادئا ولا متسامحا، فكرنا نحن الاحتفاليين بهدوء، وتأملنا حالنا وحال العالم بهدوء، وفكرنا في وضع مسرحنا المغربي والعربي بهدوء، ولد أكدنا دائما بأن هذه الاحتفالية بعيدة جدا عن منطق الصواب والخطأ، لأنها ليست معادلة رياضية، وهي،في البداية والنهاية، مجرد حلم حالمين، ومجرد جنون مجانين، وهل الحلم خطأ؟
وهل الجنون الخلاق، وهو في درجة العبقرية، يمكن أن يكون ذنبا وجريمة؟
وما قدمته هذه الاحتفالية، من معاني وأفكار، لم يكن دستورا ملزما، ولم يكن قوانين جامدة، ولقد كان فقط مجرد تصورات ومجرد أماني ومجرد تطلعات ومجرد انتظارات ومجرد توقعات ومجرد اقتراحات، وهل التطلع إلى الأجمل والأكمل ذنب من الذنوب؟ وهل اقتراح الحلول لإشكاليات المسرح المغربي والعربي، يمكن أن يكون جريمة من الجرائم؟ وهل الدعوى إلى تأسيس مسرح يشبهنا ونشببه، يمكن أن يرقى إلى درجة الحرام؟
وإذا كانت هذه الاحتفالية حلما، وهي فعلا حلم من الأحلام المشروعة، فهل يصح أن نخطئ الاحتفاليين الحالمين، وأن نقول لهم هذا الحلم خاطئ، وغير جائز شرعا، وعير معقول فكريا؟ وغير مقبول أخلاقيا، ومتى كانت الأحلام عاقلة ومعقولة؟
لقد أكدت الاحتفالية على وجود نقطة أساسية ومحورية في الحوار، وبغير وجود هذه النقطة لا يكون للحوار أي معنى، ومن وجود تلك النقطة المركزية ننطلق دائما، وإليها يمكن أن نرجع أيضا، وبهذا فقد آمن الاحتفاليون بأن ما يختلفون حوله مع الآخرين، هو نفسه الذي يتفقون عليه، والذي هو البحث الجاد والمتجدد في مسرح الحياة وفي حياة المسرح، وهو أيضا، حاضر ومستقبل هذا المسرح، وهل في هذه النقطة المركزية والأساسية والمحوية يمكن أن يخلف اثنان عاقلان؟
ونحن كلنا لا نختلف إلا حول ما نتفق عليه، ويكون هذا الاختلاف داخل الائتلاف العام، وليس خارجه، وإذا كنت أنا أقول كلاما، وتقول أنت نفس الكلام، فما فائدة وجودك أصلا في هذا الذي نسميه حوارا؟ ونعرف أن الإضافات الفكرية والعلمية تتحقق دائما بالجدل، وبالاختلاف وبحضور الرأي والرأي الآخر، وفي القران الكريم نصادف حوارا حقيقيا بين الله والملائكة، فهو يقول
( إني جاعل في الأرض خليفة)
وكان من الممكن أن لا يقول الملائكة شيئا، أو أن يقولوا كلاما بلا معنى، أو أن يقولوا كلاما فضفاضا وعاما، ولكنهم قالوا
( أتجعل فها من يفسد فيها، ويسفك الدماء، ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك)
ولقد عاد الله ليقول ( إني أعلم ما لا تعلمون) البقرة ـ الآية 30
ويقول الاحتفالي، في النفس الثالث من مقالة مطولة بعنوان ( في الشفافية المسرحية) ما يلي ( لقد أكدت دائما ـ وما أزال ـ على الحوار، وذلك انطلاقا من الاقتناع التالي، وهو أن المسرح ـ جوهره ـ حوار ديمقراطي، قبل كل شيء، هذا الحوار قد يصبح، في بعض الأحيان، صعبا وشاقا، وقد تصل به هذه الصعوبة إلى عتبة الأبواب المغلقة والموصدة
وإذن، لا مهرب من التساؤل التالي: محاورة من لمن؟ تلك إذن هي المشكلة، بلغة هملت، أو هي أم المشاكل
فعندما لا نوحد موجة الإرسال والاستقبال، فإنه لا يمكن أن يتم الحوار، وعندما تتحدث أنت عن المسرح العربي، بكل فعالياته وأسمائه وتحاربه واجتهاداته، ويتحدث غيرك عن نفسه.. عن نفسه فقط، هل يمكن أن يتحقق اللقاء، وكيف ذلك؟
وعندما تصعد أنت إلى السحاب، ويبقى غيرك ملتصقا بالتراب، عل يمكن أن يتم اللقاء، وكيف ذلك، وأين ؟
وعندما تفكر أنت في تأسيس مشروع حضاري/ تاريخي جديد، ويكون تفكير غيرك منصبا فقط على تحقيق مكاسب فقط، مكاسب عابرة وذلك في إطار لحظة تاريخية عابرة، بين هذين الموقفين هل يمكن أن يتم أي نوع من اللقاء أو التفاهم أو الحوار؟) لقد ورد هذا النفس في جريدة الصحراء بتاريخ 23 ـ 6 ـ 1990
وجود الاحتفالية ليس خطأ
ولقد انطلق الاحتفاليون، في بحثهم واجتهادهم، من المبدأ التالي، وهو أنه من الممكن جدا، ومن المحتمل جدا، أن يخطئوا الاختيار، في كثير من الحالات، أو أن يخطئوا التعبير عن بعض هذه الاختيارات، وكل ذلك لا ينفي صدقهم ومصداقيتهم وجديتهم وحرصهم على أن يدركوا الأجمل والأكمل من الأفكار والعاني
وبخصوص احتمال وجود خطأ ما، في كتاباتهم الفكرية والإبداعية، فقد أكد الاحتفاليون دائما أنهم على استعداد تام للتراجع عنه، ولمراجعته ولتصحيحه وتصويبه وتعديله أيضا، والاعتذار عنه إذا لزم الأمر، والمهم هو أن يكون كل هذا في إطار حوار فكري وعلمي حقيقي، حوار شفاف ومفتوح، وأن يكون هذا قائما على الإقناع الفكري والعلمي، وليس على الترهيب وعلى النفي والإقصاء
ويهمنا، في الأسرة الاحتفالية أن نعرف أخطاءنا، إن كان لها فعلا وجود، ونحن نحترم ونجل كل من يدلنا على هذه الأخطاء، ونحرص دائما على أن نكون لهم من الشاكرين، وفي المقابل، فإنه لا يعنينا في شيء أن نرصد أخطاء الآخرين، وعلى امتداد عقود طويلة جدا، لم نخطئ اجتهادات الأخرى، احتراما منا للرأي الآخر، وللاختيار الآخر، وللاجتهاد الفكري والجمالي والسياسي الآخر
واحتمال وجود أخطاء أو وجود نقص أو وجود فقر، لا يعفينا من أن ننظر إلى الجانب الأخر من الكأس، والذي هو الجانب الممتلئ، ويمكن أن نشكك في بعض نوايا الاحتفاليين، أو في بعض اجتهاداتهم، ولكن هناك أشياء كثيرة جدا لا تحتمل التشكيك أو الإلغاء، وفي مقدمتها وجودنا نحن الاحتفاليين، وفي هذا المعنى قال الاحتفالي في مقدمة كتاب (الاحتفالية مواقف ومواقف مضادة) الكتاب الأول، لقد قال ( شيء مؤكد أن ما تقدمه الاحتفالية ـ من خلال البيانات والدراسات والكتابات الأدبية والسينوغرافيه ـ ليس معادلات رياضية .. معادلات تكون إما صحيحة، أو خاطئة ولا شيء سوى ذلك، فهي تعطي تصورا للعالم من خلال المسرح، وتعطي تصورا للمسرح، وذلك انطلاقا من تجارب حية في هذا العالم، إن وجودنا ـ كأحياء فاعلين ومنفعلين ـ لا يمكن أن يحتمل الشك، وذلك لأنه فعل حقيقي وواقعي وكذلك كانت تجاربنا حقيقية أيضا، إنها تجارب اتخذت لها شكل إبداع مسرحي متميز من هنا كان ضروريا أن نقول
إنه لا يمكن ن تصادر هذه التجارب الإبداعية من غير أن تصادر أصحابها المبدعين، إن كان مثل هذا الفعل ممكنا، فبأي حق؟ هل لأن مبدأ الاجتهاد مرفوع؟ أم لأن الحق في الاختلاف ممنوع؟ )
ونحن في كل مراحل هذا الحوار لم نكن نسعى إلى أن ننتصر على الآخرين، لأننا أصلا لا نؤمن بالحرب، ولا نؤمن بالقتل، ولا نؤمن بأن الأفكار الصادقة والجميلة يمكن أن تقتل غيرها من الأفكار الأخرى، والتي لها حياتها وحيويتها، ولها صدقها ومصداقيتها، وأسوأ شيء، بالنسبة للاحتفالي، هو أن يحس بأنه كامل، وبأنه قد وصل، وأنه قد بلغ حد الجمال والكمال، وبأنه قد انتصر في معركة وهمية لا وجود لها، وأن يركبه الغرور القاتل والمدمر، ولو كان هذا هو إحساس الاحتفالي، لكان قد انتهى من زمن طويل جدا، وبالنسبة إلينا، فإنه ليس مهما أبدا أن نصل، ونصل إلي أين؟ ولكن الأهم من كل شيء هو أن نمشي، ونمشي فقط، وأن يكون ذلك في الطريق المستقيم، ,ان نتبع المنهج القويم، وأن نمشي بشكل سليم، وأن نفكر ونحن نمشي، نفكر في حالنا وفي حال كل الناس، ونفكر في حال فكر وعلم وفنون وصناعات وإبداعات الناس، ويهما أن نحافظ في هذا المشي على توازننا، الجسدي والفكري والأخلاقي، وأن نحترس ـ بالقدر الذي نستطيع ـ من السقوط القاتل
وأن تكون احتفاليا، معناه بكل تأكيد، أن تؤمن باللقاء وبالتلاقي وبالمشاركة وبالاقتسام، وأيضا، بالحضور حيث ينبغي أن يكون الحضور، وأن تؤمن بوجود الآخر المختلف، وذلك في المكان الآخر وفي الزمن الآخر وفي السياقات الفكرية والجمالية والأخلاقية الأخرى المختلفة، ولعل أسوأ ما يمكن أن يفسد فعل التلاقي الإنساني الجميل، هو تلك الأحكام المسبقة والنهائية، وذلك في حق الآخرين المخالفين، وفي حق أفكارهم وإبداعاتهم المختلفة، أي تلك الأحكام القطعية الني لا تحتمل الرد د، والتي لا تحتمل التشكيك، ولا تحتمل النقد أو النقض أو استئناف الحكم في المحاكم الأعلى والأسمى
وهذه الاحتفالية، هي أساسا أفكار رمزية، ولا شيء غير ذلك، ولذلك فقد وجب أن نقاربها ـ علميا وفكريا وجماليا ـ بنفس لغتها وبنفس منطقها، ولم يكن من حقنا أبدا أن نجرها إلى مجالات بعيدة عنها، وأن نفرض عليها ما ليس منها، فهي بالتأكيد ليست إيديولوجيا، حتى نزنها بميزان الأيديولوجيا، وهي أيضا ليست سياسة حزبية، حتى يمكن أن نقيسها بمقياس هذه السياسة، وهي أيضا ليست أفكارا في الدين والتدين، حتى نفكر فيها وفي فنها بمنطق الحلال والحرام، ورغم كل التجاوزات والاستفزازات والإشاعات والاتهامات، فقد ظل الاحتفالي محافظا على هدوئه ورصانته وعلى حكمته وعقلانيته دائما، وظل متمسكا بالموضوع الحقيقي للحوار، والذي هو المسرح،، وهو الفكر المسرحي وهو العلم المسرحي وهو الجمال المسرحي وهو الآداب والأخلاق المسرحية، وهو الصناعات الفنية المسرحية
ولعل أسوأ كل (الحوارات ) هي حوارات الطرشان، والتي لها وجود فعلي وحقيقي في مجالنا الثقافي والفني المغربي والعربي، فكل واحد يرى من حقه اليوم أن يقول للآخرين ما يشاء، وكل مستمع يرى من حقه أن يفهم من الكلام الموجه إليه ما يريد أن يفهم، وفي هذا المعنى يقول المثل المصري
( نحن قلنا لهم هو ثور، وهم قالوا لنا احلبوه)
وفئة كبيرة جدا، من مثقفينا ومن مفكرينا ومن فنانينا مازالت، ولحد هذا اليوم، تنتظر أن تستخرج من الثيران حليبا
وأما المثل المغربي فإنه يقول
( نحن شكونا لهم العقم وعدم الإنجاب، وهم يصرون دائما على أن يسألونا: وكيف حال الأولاد والأحفاد؟)
وهذا هو نفس حال الاحتفالية، في محنتها الهزلية أو المأساوية التي طالت واستطالت أكثر مما يلزم، وذلك مع محيطها العبثي والفوضوي الأطرش، ومع بيئتها الثقافية والفكرية والجمالية التي لا تسمع ولا تقرأ ما يقال وما يكتب، وإذا حدث وسمعته، فإنها لا تفهمه، وإذا فهمته فإنها تفهمه بشكل خاطئ ومقلوب ومشوه