عدنان السفياني... وملحون اليوم...
قصايد حبيناها
واضح جدا ان كلمة "أزمة" اصبحت اليوم موضة تروج وتلوح في كل القطاعات والمرافق. هنا أزمة, وهناك أزمة. أزمة السياسة, أزمة الرياضة, أزمة التعليم, أزمة العلاج الصحي الخ.
اعتقد ان وجود الأزمة امر لايجب ان يربكنا او يخيفنا. فعلى العكس من ذلك, لان وجود الأزمة يعني وجود بحث واجتهاد لايجاد الحلول للخروج منها وتجاوزها. الخطير هو اللامبالاة او القيام بحلول متهافتة وترقيعية من شانها تكريس هذا الواقع المتأزم.
فلنأخذ الميدان الفني كمثال ونمودج. فانت عندما تسال احد أشباه الفنانين ومروجي أغاني الشخبطة واللخبطة عن هذه الميوعة التي يقدمها, سيجيبك حتما بان هناك جمهور يحب ويعشق انتاجه واغانيه. وسيقول لك ان للناس في ما يعشقون مذاهب.
ان هذا الكلام يدخل في سياق الحق الذي يراد منه الدفاع عن الباطل. لان الفن أمر نبيل وسامي ورفيع. والفنان الحقيقي لاينزل عند المتلقي. يجب ان يحدث العكس. فالفنان الاصيل من واجبه ان يربي الذوق لدى الجمهور لا ان يشجعه على التفاهات ويزكي فيه الرداءة. فلا غرابة ان نجد اليوم تلميذا في قسم الابتداءي يحفظ الاغاني الفوضوية ذات الكلمات الساقطة وموسيقى الصخب والضجيج.
لقد اصبح الفن حاليا يرفض مبدا الافادة لانه قرر ركوب موجة التهريج والسرك.
وبخصوص الافادة, لابد ان نعطي لقيصر ما هو لقيصر, وننوه بالاجتهادات والبحوث التي لازال يقوم بها احد ابناء سلا البررة, والذي ارتوى من معين الفن الصافي منذ الصغر. الحديث هنا عن الفنان المبدع عدنان السفياني الذي ادرك اننا بحاجة الى صياغة حديثة واعداد متجدد لوساءل الارسال الفنية فيما يخص فن وطرب الملحون.
عدنان السفياني انجب لنا مولودا فنيا راقيا بكل المقاييس. هوعبارة عن قرص مدبلج عنونه: " ملحون اليوم...قصاءد حبيناها...". وشاء هذا المنشد ان يبدا برد الاعتبار وتكريم احد ابناء سلا الذين طالهم التهميش, وهو الاستاذ الفقيد عبد المجيد وهبي, رحمه الله, صاحب قصيدة "الام".
لقد نجح عدنان السفياني وكسب الرهان لانه استطاع ان يخرج بعض القصاءد الملحونية من الرتابة والنمطية وذلك باداء متميز ومصاحبة موسيقية توفق بين جوهر وشكل القصيدة الاصلية.
اظن ان عدنان السفياني ادرك بحسه الفني انه اصبح اليوم ضروريا لكي يصل الملحون الى الشباب, المنغمس في هذا الكم الهاءل من المساسلات الغبية واغاني الشخابيط واللخابيط, علينا ان نخرج هذا الفن من سجنه, ومن تلك الاليات الضيقة والمفرطة في النمطية والتي لا يوجد فيها عنصر الاثارة والابهار.
ان مثل هذه الاجتهادات والاعمال التي تغوص في التراث وفي الثقافة المغربية في شموليتها هي التي ستقدم خدمة للملحون وباقي الاشكال الموسيقية الاصيلة. هذا دون المس بهويتها وماهيتها.
بالنظر الى جملة الاكراهات التي يصادفها الفنان عدنان السفياني فان عمله يمتاز بالجرأة والابداع. فهو عازم على الاستمرار في درب التجديد. والدليل على هذا الكلام, انه كتب على غلاف قرصه المدبلج عبارة: "الجزء الاول".